الحمد لله والصّلاة
والسّلام على رسول الله، وآله، ومن والاه، وبعد:
قال الغزالي رحمه الله:
"إن تفرغت من نفسك وتطهيرها، وقدرت على ترك ظاهر الإثم وباطنه، وصار ذلك ديدنا لك وعادة متيسِّرة فيك - وما أبعد ذلك منك - فاشتغل بفروض الكفايات، وراعِ التدريج فيها، فابتدىء بكتاب الله تعالى، ثم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بعلم التفسير، وسائر علوم القرآن من علم الناسخ والمنسوخ والمفصول والموصول والمحكم والمتشابه، وكذلك في السنة، ثم اشتغل بالفروع، وهو علم المذهب من علم الفقه - دون الخلاف - ثم بأصول الفقه، وهكذا إلى بقية العلوم على ما يتسع له العمر ويساعد فيه الوقت. ولا تستغرق عمرك في فن واحد منها طلبًا للاستقصاء فإن العلم كثير، والعمر قصير، وهذه العلوم آلات ومقدمات، وليست مطلوبة لعينها بل لغيرها، وكل ما يطلب لغيره فلا ينبغي أن يُنسى فيه المطلوب ويُستكثر منه". إحياء علوم الدين (1/ 39).
ويؤخذ من هذا أنه، رحمه الله، يوصي بالآتي:
1. تقديم العلم لضروري (فرض العين) على التزود بفروض الكفاية من العلوم.
2. تقديم علم السلوك (تطهير النفس من الآفات الظاهرة والباطنة والتحلي بالفضائل) على طلب العلوم الكفائية.
3. مراعاة التدريج في العلوم بالأخذ بها واحدا ثم الذي يليه فلا يخلط بينها في وقت واحد ولا ينتقل من علم حتى ينتهي غرضه
من الذي قبله.
4. تقديم العلوم النقلية (القرآن والسنة) على غيرها في التحصيل.
5. دراسة علم الفقه المذهبي والابتعاد عن الفقه المقارن (الخلاف).
6. تقديم العلم بالفروع الفقهية على تعلم أصول الفقه.
7. عدم الاستقصاء في أيٍّ من هذه العلوم الكفائية، لأنها آلية ليست مقصودة لذاتها.
وأكثر ما قرره رحمه الله سديد وبعضه قابل للأخذ والرد.